كيف نتجاوز تعثرات المتعلمين الدراسية؟
إن قضية ضعف مستوى التلاميذ وتعثر القدرات و المهارات عندهم من أهم القضايا التعليمية لأن التعثر ينتقل مع المتعلم إلى باقي مراحله الدراسية (الإعدادي والتأهيلي والجامعي) لذلك يتطلب من الساهرين على التخطيط التربوي أن يجدوا حلولا ناجعة لهذه الإشكالية حتى لا تتفاقم مستقبلا .
فالملاحظ اليوم أن أفواجا من المتعلمين ينتقلون إلى مراحل متقدمة ويخوضون امتحانات إشهادية وهم ما زالوا يعانون مشكلة التعثر ... المشكلة لن تحل داخل القسم فقط ،لأن العملية التعليمية يتدخل فيها أكثر من طرف وبالتالي فالحياة المدرسية بمفهومها الشامل تؤثر على المتعلم بكل مكوناتها ، وأنها تحتاج إلى أكثر من تدخل للوصول إلى المستوى المطلوب (المدرسون-الإدارة -أولوياء الأمور- المجتمع المدني – القائمون على العملية التعليمة) للإسهام في معالجة المشكلة وإشراك الجميع للتوصل إلى حلول عملية ترفع من تعثرات المتعلمين وتقوي الكفايات والمهارات الأساسية للتعلم .
ان المعالجة يجب أن تتم في مرحلة التعليم الابتدائي حتى يمكن السيطرة على الوضع وإلا تفاقم التعثر .
ولعل أول خطوة عملية هي تصنيف الأستاذ للتلاميذ المتعثرين حسب نوعية تعثرهم في القدرات المكتسبة أو المهاراتية....
فهذا التصنيف يمكن الأستاذ من التدخل العلاجي الملائم لكل فئة وبالتالي يسهل عليه تحديد التلاميذ ذوي المهارات العالية ويشجعهم بذكاء وخبرة إلى مساعدة نظرائهم الضعاف .
إلا أن نشاط الأستاذ ودعمه لهذه الفئة يبقى جد محدود و غير مجد في غياب الأسرة التي هي امتداد للتربية والتعليم بعد المدرسة ،فلا بد من إشراكها لتتحمل كامل مسؤوليتها في الموضوع.
ومن التدابير التي يمكن القيام بها لمعالجة المشكلة :
1-توعية الأسرة بتعثر أبنائها : عن طريق حسن تواصلها مع الأطر الإدارية والتربوية ، وتحسيسها بحجم المشكلة لما قد يترتب عنها من هدر مدرسي أو غيره، وكذا توعيتها بضرورة الإسهام الفاعل في مساعدة أبنائها لتحسين كفاياتهم ومهاراتهم ، فهذا التواصل ضروري لأن أغلب أولياء الأمور يعتقدون أن التعليم ينحصر داخل القسم ويتملصون من هذه المسؤولية ليحملونها إلى الأستاذ وحده،وهنا تكمن مهمة جمعية آباء التلاميذ في التوسط بين الأطراف وتسهيل التواصل إما بعقد لقاءات تواصلية عامة داخل المؤسسة أو باستدعاء أولياء الأمور فرادى...بحسب حجم المشكلة والتعثر لدى المتعلم.
2-دعم الأسرة لأبنائها المتعثرين: فالأسرة عليها بعدما تعي مشكلة تعثر أبنائها أن تساعد المدرسة بدعمهم بتنسيق مع الأستاذ الذي ينقل لها حجم التعثر ونقطة الخلل عند التلميذ،هكذا تقوم الأسرة فعلا بدور مساعد وداعم في تحسينا لقدرات والمهارات لدى أبنائها المتعثرين
3-كفاءة الأستاذ وقدرته على تطوير مهارات المتعلم: فمن صلب مهمة الأستاذ متابعة التلاميذ المتعثرين وكتابة ملاحظات تواصلية مع الأسرة وإن تعذر ذلك يقوم بالتواصل المباشر عن طريق استدعاء ولي الأمر كما سبق ذكره،ولكنه داخل القسم مطالب بأن يقومبدوره المؤثر في تحسين الأداء ...والتركيز داخل الفصل على الفئة المتعثرة وتشجيعهم على المحاولة والرفع من معنوياتهم.وهذه عملية لا تتطلب منه الجهد الكثير مجرد تنويه بالمجهود الذي بذله التلميذ المتعثر رغم وجود الخطأ الذي صححه التلاميذ بمعية الأستاذ ،وكذا توجيه خفيف بين فقرات الدرس لتحفيز المتعثرين على بذل المجهود...وهكذا يسهم الأستاذ في بناء المتعثر ومساعدته لا هدمه بالتهكم والتجريح والتأثير السلبي على عطائه، مما قد ينفره من المدرسة
4-التجاوب الفعال للمتعلم: هل بالفعل رغم التعثر سيستجيب المتعلم ويمتثل للتعلمات المقدمة له ؟ وهل سيبذل جهده للتفاعل مع ما يقدم له ؟
كثير من الممارسين للتعليم يلاحظون جنوح المتعلمين للشرود واللامبالاة بل وفي أحيان عدة يحضر المتعثر للقسم جبرا لخواطر أسرته أو خوفا من الغياب ،فكم من متعلم غير مستعد للدخول إلى الفصل ومع ذلك يحضر ليشاغب ،وتستفحل الظاهرة عندما يعتبر المتعلم القسم سجنا إجباريا يمضي فيه أجمل سنوات عمره،...أمام هذه النماذج قد ينكدر مزاج الأستاذ وقد تتأزم العلاقة بينهم، ولكن الأستاذ الماهر هو الذي يحسن نظرة المتعلم للمدرسة ويا حبذا لو استطاع أن يشرك مثل هذه النماذج في أنشطة الأندية المدرسية المتوفرة بالمؤسسة وخصوصا الأندية التي تبعث على الحركة والتنشيط والخرجات والرحلات كالإسهامات في المجال البيئي ،وكذا الأعمال الخيرية والإجتماعية المرتكزة على الإنفتاح على المجتمع ... هذه بعض الأمثلة البسيطة لجعل المتعلم يستجيب بشكل مبدئي للتعلم وكذا لتحسين قدراته وتجاوز تعثراته.
5-التشويق والإثارة: طبعا المتعلم هو طفل لذلك يحتاج إلى كل عناصر الإثارة التي تشوقه وتجعله مستعدا لقضاء جل يومه داخل الفصل ماثلا أمام الأستاذ يسمع ويشارك ويساهم ويبدع بمحاولات حتى وإن كانت جد خجولة أو منعدمة...فحضور عناصر جاذبة للمتعلم أمر ضروري حتى نضمن تجاوبه واستعداده لتحسين قدراته ومهاراته والرفع من تعثراته عله يصبح يوما عضوا فاعلا ناجحا يسهم في نهضة مجتمعه.