أياد مرتعشة!!
في ساحة المدرسة، كان المدرسون و المدير يحتمون من الرياح العاتية بجدار متهالك، و هم ينظرون إلى أشجار "الأوكاليبتيس" و قد استسلمت تماما لجبروت الهواء المتدفق بشراسة، و لجماعات التلاميذ التي "تقاوم" من أجل الوصول إلى المدرسة، قال أحد المدرسين:
-أظن أن المديرية أصدرت نشرة إنذارية، أليس من الحكمة صرف التلاميذ وتعطيل الدراسة؟؟
قاطعه المدير:
-نعم... أصدرت بيانا، لكنها لم تعطل الدراسة.. بل أوصت بتوخي الحيطة والحذر!!
صمت ثم واصل:
-لا أظن ان الرياح بالقوة الكافية لايقاف الدراسة...
و لم يكد يكمل جملته حتى طار "الطربوش" الذي يخفي به صلعته، فسارع أحد المدرسين - المعروف بخادم المدير- للحاق بها، و ارجاعها للمدير ثم قال:
-أوافقك الرأي سيدي المدير... إيقاف الدراسة أمر خطير جدا...
عقب المدرس الأول:
-ليس بأخطر من أن يصاب التلاميذ والأساتذة !!
قال المدير:
-إيقاف الدراسة يكون في المدارس التي بها أشجار زرعها المغاربة، أما أشجار مدرستنا فهي متينة تعود لعهد الاستعمار... لن نوقف الدراسة.. طالبوا بالحيطة و الحذر.. و ها نحن محتاطون حذرون...
وقبل أن يتم جملته هوت شجرة عملاقة وسط الساحة، مخلفة ذعرا و صراخا من طرف التلاميذ.
قال "خادم" المدير:
-الحمد لله على لطف الله.. الشجرة الوحيدة "المشكوك" في أمرها هوت دون خسائر.. لا خوف الآن..
قال مدرس ملتحي:
-بدل التحدث عن المغادرة، تأملوا غضب الله، و اتعضوا... أقترح أن نبدأ ب"اللطيف".. و نجعل هذه الريح مدخلا لتدريس قصة "عاد"..
قال مدرس آخر انتهى للتو من اجراء مكالمة هاتفية:
-كثير من المدارس أقفلت، و الخط السككي بين البيضاء و طنجة توقف...
شعر المدير بضيق ثم قال:
-الأمر محسوم.. لا توقيف للدراسة دون "أمر" مباشر حتى لو اقتلعت الرياح المدرسة، و تناثر التلاميذ و الطاولات في الهواء!!
عاد "الخادم" للتبرير:
-إذا أوقفنا الدراسة اليوم، فسيكون علينا قضاء العطلة القادمة في مدرستنا للتعويض.. هذا إن لم نقض الصيف كله هنا.
عندما انصرف الأساتذة إلى أقسامهم، و عاد المدير إلى إدارته، سُمع دوي هائل ناتح عن تهاوي الجدار الذي كان يحتمي بها الأساتذة، فصاح "الخادم":
-لولا حكمة السيد المدير الذي فض الجمع سريعا لهلكنا "الله لا يخظي علينا حكام"...!
الأستاذ والقاص عادل البدوي